قد لا تكون هناك دولة ـ أمة حديثة دُعيت "مصطنعة" أكثر من العراق. وبينما يُقرّ معظم الباحثين بأن جميع الدول ـ الأمم مصطنعة، بمعنى أنّ بشراً أنشأوها، فإن العراق، على ما يبدو، مصطنع أكثر منها كلها. وتبدأ القصة دوماً بمعاهدات السلام التي وُقِّعتْ في أعقاب الحرب العالمية الأولى، والتي وضع أثناءها الأوربيون حدود العراق، وحدود دول عربية مشرقية أخرى، على نحو مزعوم، وتقريباً دون أي أساس. وكما يقول ديفد فرومكين في كتابه المقروء على نطاق واسع "سلام ينهي كل سلام":
كانت حقبة اختُرعتْ فيها بلدان الشرق الأوسط وحدودها في أوربا. فالعراق، وما ندعوه الأردن الآن، مثلاً، كانا اختراعين بريطانيين، خطوطاً رسمها سياسيون بريطانيون على خريطة فارغة بعد الحرب العالمية الأولى، فيما وضع حدود المملكة العربية السعودية والكويت والعراق موظفٌ مدنيٌّ بريطاني في 1922.(1)
هذه قصة مألوفة بالنسبة لنا جميعاً، بما أن باحثين وصحفيين ومعلقين سياسيين من جميع المشارب كرروها إلى ما يقارب القرن الآن. وقد كرّرْتُها أنا نفسي في عدة مناسبات.
أثار تنظيم الدولة (داعش) سرد "الدولة المصطنعة" أيضاً حين نشر فيلم فيديو دعاه "نهاية سايكس بيكو" في صيف 2014 صرّح فيه أن إلغاء الحدود بين سوريا والعراق إعلان لنهاية نظام الدولة ـ الأمة الذي فرضته القوى الاستعمارية في المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى، ووعد بأن هذه "ليست الحدود الأولى التي سنزيلها". وفي خطبة ألقاها في مسجد في الموصل في تموز\\يوليو، قال قائد التنظيم أبو بكر البغدادي:"لن يتوقف هذا الزحف المبارك حتى ندق آخر مسمار في نعش مؤامرة سايكس بيكو".
تلا ذلك حشد من التعليقات الإعلامية، ونتأت خرائط سايكس بيكو عبر الإنترنت كدليل مؤيد، أو على الأقل كتزيين مؤيد، لسلسلة من الآراء حول إعلان تنظيم الدولة. وبدا الرد المهيمن، حتى بين معارضين أقوياء لتنظيم الدولة، كما لو أن التنظيم يلغي فعلاً اتفاقية سايكس بيكو لعام 1916 سيئة الصيت بين بريطانيا وفرنسا التي قسمت ووزعت الأراضي العربية للإمبراطورية العثمانية، وكما لو أن هذه هي النهاية المنطقية للحدود المصطنعة التي أنشأتها القوى الاستعمارية منذ مائة عام. وقالت مقالة نشرتْها وكالة رويترز بعنوان "سايكس بيكو رسمت خطوطاً على رمال الشرق الأوسط تغسلها الدماء": إن الاتفاقية كانت "من حيث الجوهر مشروعاً إمبراطورياً، لم ينتبه إلا قليلاً إلى الجغرافيا والأرض، أو العرق". ووافق المثقفون العامون من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار على ذلك؛ وحتى قبل تمدد تنظيم الدولة، استُشهد بكلام لنعوم تشومسكي قال فيه إن "اتفاقية سايكس بيكو تتداعى، وهذه ظاهرة مثيرة… لكن سايكس بيكو كانت مفروضة إمبراطورياً وتفتقر للشرعية؛ ما من مبرر لأي من هذه الحدود، باستثناء مصالح القوى الإمبراطورية".
كان هناك بضعة آراء مخالفة، شكك معظمها في حدوث عملية إلغاء حقيقية للحدود بين سوريا والعراق. فقد كتب ستيفن سيمون في عدد آب\\أغسطس من مجلة فورين أفيّرز (الشؤون الخارجية):" لم يتضمن عرض الرعب المنبعث من سوريا حتى الآن نهاية حدود سايكس بيكو…باختصار، رغم الهرج والمرج في المنطقة، تبدو اتفاقية سايكس ـ بيكو حية وجيدة".
كان الأكثر ندرة هو انتقادات سرد سايكس ـ بيكو نفسه، أو سرد الدولة المصطنعة الأوسع، والذي تُشكّل هي منه خيطاً واحداً. وكان هناك بعض الاستثناءات الملحوظة، بينها المقالة الرائعة لدانييل نيب، التي قال فيها إن انسحار الباحثين في كل مكان بكيف يمكن أن يتم إنشاء خريطة أفضل للمنطقة "ليس أكثر من فنتازيا مستمدة من توهّم، أو وهم مقطّر من شظايا حلم نصف مُتَذَكَّر".(2) لكن شظايا الحلم نصف المتذكر كان لها سطوة قوية إلى حد كبير. والواقع أن قلة أزعجت نفسها بالتشكيك بزعم أن الحدود التي تحداها تنظيم الدولة أنشأتها في الحقيقة اتفاقية سايكس ـ بيكو في 1916. وكان شبه الإجماع هذا مذهلاً ليس فقط لأن معلومات أكثر صحة كانت متاحة لكل من يختار البحث عنها، بل أيضاً لأنها كانت متاحة في شكل خرائط سايكس ـ بيكو المعروضة بذكاء فوق جميع المقالات، كما لو أن هذه الصور تخدم بالفعل لتوضيح المزاعم المطروحة. ونادراً ما استدعى التفسير أن خريطة سايكس ـ بيكو لا تشبه كثيراً الخريطة الحالية للمنطقة. وفي الحقيقة، يمكن القول بسهولة إلى حد ما إن حدود المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة حالياً تبدو مثل حدود سايكس ـ بيكو أكثر من الحدود المعترف بها دولياً بين العراق وسوريا. سأعود إلى هذه النقطة فيما بعد.
ما أنا مهتمة به، كمؤرخة للعراق، ليس فقط ما يمكن أن يشكل سَرْداً تاريخياً أكثر صحة لتكوّن العراق (رغم أن هذا سيكون جزءاً مما يتبع) لكن أيضاً كيف يمكن أن نفكر حول هذا الفصل الغريب بين الصور المعروضة والقصة المروية حولها. يوحي هذا بأن المؤرخين الذين تقع على عاتقهم مسؤولية تصحيح السجل التاريخي ربما لم يُشككوا بسرد الدولة المصطنعة. بالأحرى، إن السرد نفسه، قد يحتاج إلى فحص أكثر صرامة. من أين أتى؟ ما هو تاريخه؟ وكيف ارتبط بتاريخ الاستعمار والقومية والحرب والاحتلال في العراق في القرن السابق؟ ما نوع العمل الذي حققه هذا السرد تاريخياً، وما الذي يحققه اليوم؟
إن خطاب العراق كدولة مصطنعة، كتجمّع غير عقلاني لأقوام غير متجانسين، بزغ في العشرينيات، كما سأبين في الجزء الثاني من مقالتي هذه. وكان الخطاب في الأصل سرداً استعمارياً، استُخدم للقول إن العراق ليس متناغماً بعد بما يكفي كي يحكم نفسه، بخلاف مطالب الوطنيين العراقيين، ويجب بالتالي أن تحكمه بريطانيا. كيف أصبح أيضاً فيما بعد خطاباً قومياً ـ وخاصة خطاباً قومياً عربياً ـ يمكن أن يساعد في شرح استمراريته. وفي أعقاب الغزوتين الأميركيتين في 1991 و2003، نُفض الغبار عن هذا الخطاب وقُدِّم بطرق خبيثة عديدة من قبل المعسكر المؤيد للحرب والمدافعين عنه فيما بعد. في النهاية، ما الأذى الذي نجم عن تدمير بلاد لم توجد بشكل أصيل أبداً في المقام الأول؟
[غلاف عدد كانون الثاني\\شباط ٢٠٠٨ من مجلة أطلنطك]
قدم جيفري جولدبيرغ، مثلاً، هذه الحجة في مقالة استُشهد بها على نطاق واسع في 2008 نُشرت في مجلة ذي أتلانتيك، بعنوان، "بعد العراق". عرض غلاف العدد الفنتازيا الإثنية الطائفية القابلة للتنبؤ لشرق أوسط أعيد رسم خريطته من جديد (انظر الصورة أعلاه). وفي مقالة تالية نُشرت أثناء تمدد داعش في الصيف الماضي بعنوان "لماذا يجب أن نقاتل التفكك المحتوم للعراق؟"، عبر جولدبيرغ عن تعاطفه مع خريطة سايكس ـ بيكو، لكنه أكد أن ضعفها يكمن في أنها "تقدمية" جداً بالنسبة للشرق الأوسط، الذي "ليس نوع المكان" حيث "يمكن تكوين دول حديثة متعددة الطوائف، ومتعددة الثقافات". توحي هذه الحجج بأن الانتشار الأخير لصور خرائط اتفاقية سايكس ـ بيكو ربما له بعض العلاقة ليس فقط مع تمدد داعش بل أيضاً مع إحساس منتعش بالقوة الإمبراطورية في هذا المفصل الخاص. أي، يمكن أن نقرأ الخرائط ليس كتفسيرات تاريخية بل كدعوات، كمكملات مثيرة للخيال للانتشار السريع على نحو مساو لإعادة رسم خرائط مقترحة.
خريطة سايكس ـ بيكو
[خريطة اتفاقية سايكس ـ بيكو التي وقعها كل من مارك سايكس وفرانسوا جورج بيكو، ٨ أيار\\مايو، ١٩١٦]
ثمة بعض العيوب في خريطة سايكس ـ بيكو كتفسير تاريخي. هناك نسخ كثيرة منها، بعضها أشد تضليلاً من الأخرى، خاصة بسبب استخدامها الإبداعي للألوان والنماذج لجعل الشيء يبدو قدر الإمكان مثل الخريطة الحالية للمنطقة. مع ذلك، إن نسخة 1916 الأصلية، التي وقّعها مارك سايكس وفرانسوا جورج ـ بيكو، تُستخدم كثيراً اليوم (انظر الصورة في الأعلى). وكانت المنطقة المظللة باللون الأحمر في الجانب الأيمن الأدنى من الخريطة تحت الحكم البريطاني المباشر. سأدعو هذه المنطقة الحمراء "العراق"، بما أن هذا ما دعاها به في ذلك الوقت الناطقون بالعربية والتركية وبعض المسؤولين والجغرافيين الأوربيين. وكانت تشمل معظم الإقليمين العثمانيين البصرة وبغداد ولكن ليس إقليم الموصل العثماني أو المنطقة الصحراوية التي تُدعى الآن الأنبار في غرب العراق. وفي خريطة سايكس ـ بيكو شملت أيضاً منطقة مهمة ليست في العراق الحالي، قطعة طويلة من شرق شبه الجزيرة العربية تتضمن الكويت اليوم وساحل السعودية الحالية حتى قطر (غير معروضة بشكل كامل في نسخة 1916 من الخريطة).
وكانت المنطقة الواقعة تحت السيطرة الفرنسية المباشرة في خطة سايكس ـ بيكو، المعروضة بتظليل أزرق قوي، تتألف من جزء كبير من جنوب الأناضول في تركيا الحالية بالإضافة إلى ساحل المتوسط حتى فلسطين. ولا أحد يعرف ماذا يسمي هذا الكيان، بما أنه من الصعب مطابقة أية دولة اليوم مع الخريطة أو أية فكرة عن منطقة جغرافية في 1916. وكان الحل الأبسط، الذي تبنته معظم التعليقات على سايكس ـ بيكو، هو تجاهلها.
كان من المقرر جعل المنطقة المحورية للخريطة، أراضي "ألف" و"باء"، "دولة عربية مستقلة" أو "كونفدرالية بين دول عربية"، فيما تم تصور منطقة ("ألف") الشمالية كـ "مجال نفوذ فرنسي" والمنطقة ("باء") الجنوبية كـ"مجال نفوذ بريطاني". وقد نوقش كثيراً هذا المظهر من اتفاقية سايكس ـ بيكو، وكان مقصوداً منه أن يكون غامضاً في ذلك الوقت، أو على الأقل أن يُترك مفتوحاً للنقاش المستقبلي. وكان الموقف البريطاني الرسمي هو أن أراضي ألف وباء يجب أن تكون دولة عربية "مستقلة" واحدة، ولهذا زعمت بريطانيا أن اتفاقية سايكس ـ بيكو لا تتناقض مع مراسلات حسين ـ مكماهون. لكن الاتفاقية تركت احتمال أن تكون هذه الأراضي دولتين عربيتين مستقلتين مفتوحاً. أما بالنسبة لمعنى "النفوذ" الفرنسي والبريطاني، فقد تُرك هذا أيضاً غامضاً كما هو معروف، لكنه تضمن، على الأقل، تنازلات اقتصادية لكل دولة أوربية داخل مجالها الخاص.
[خريطة العراق، صورة من مكتبات جامعة تكساس، في أوستن]
إن الحدود الوحيدة للعراق الحالي (انظر الخريطة أعلاه) التي يمكن أن تُدعى خط سايكس ـ بيكو هي القسم الواقع في أقصى الجنوب من حدوده مع سوريا، والعابر لمنطقة الصحراء من الأردن إلى نهر الفرات قرب القائم، رغم أنه، كما رأينا، لم تكن هذه حدود العراق في اتفاقية سايكس ـ بيكو بل الخط بين مناطق ألف وباء لـ "الدولة العربية المستقلة". فضلاً عن ذلك، كما سأشرح في الجزء الثاني من هذه المقالة، لم تضع اتفاقية سايكس ـ بيكو هذه الحدود في الواقع، رغم التواشج؛ والحقيقة أن أفعال الوطنيين المحليين لعبت دوراً كبيراً فيها. أما القسم المتبقي الأطول من الحدود العراقية السورية من القائم إلى تركيا، فغير موجود بأي شكل في خريطة سايكس ـ بيكو.
وإنه لبالغ الدلالة إذاً أن المنطقة التي تقع حالياً تحت سيطرة داعش تبدو مثل رؤية سايكس ـ بيكو أكثر مما تبدو خريطة سوريا والعراق. وما هو أكثر أهمية، بالطبع، هو غزو داعش لمدينة الموصل والمنطقة المحيطة، ذات الكثافة السكانية الأعلى تحت سيطرة الجماعة. هذا صحيح بصرف النظر عن كيف يفهم المرء أراضي "ألف" و"باء" في سايكس ـ بيكو، بما أن الاتفاقية لم تضع الموصل داخل العراق أو في المنطقة "باء" من النفوذ البريطاني. وضعتها بشكل لا لبس فيه داخل المنطقة "ألف" الخاضعة للنفوذ الفرنسي، وضمتها إلى شمال سوريا الحالي، كما يزعم تنظيم الدولة أنه فعل. وفي الوقت الذي نشر فيه التنظيم فيلمه "نهاية سايكس ـ بيكو" في الصيف الماضي، أكد أيضاً السيطرة على منطقة من العراق الحالي كانت ستُضمَّن في الأراضي "باء" من الدولة العربية، التي هي صحراوية في جزئها الأكبر، ولو أنها لا تشكل إلا جزءاً صغيراً من عراق سايكس ـ بيكو، كما يمكن أن يُرى تقريباً في كلٍّ من النسختين الموسعتين لخريطة داعش في الصيف الماضي.
ومع مرور الأعوام، كان من المحتمل أن يكون انخراط الباحثين أقل من انخراط الصحفيين والمعلقين السياسيين في إطلاق تأكيدات مزيفة حول اتفاقية سايكس ـ بيكو. يقول البعض إن اتفاقية سايكس بيكو لم تضع حدود العراق في 1916 بل رُسمت الحدود في مؤتمر باريس للسلام في 1919، أو ربما في اتفاقية سان ريمو في 1920، أو ربما في مؤتمر القاهرة في 1921، أو هناك دوماً ذلك الموظف المدني اللندني في 1922. لكن معظم هذه الروايات تقود إلى الخاتمة نفسها، أي أن أوربيين "رسموا" حدود العراق في وقت ما في الأعوام التالية للحرب العالمية الأولى. كتبت ريفا سيمون:
كمثال واضح على دولة أُنشئت بشكل مصطنع، جاء العراق إلى الوجود في نهاية الحرب العالمية الأولى بناءً على طلب من البريطانيين… رسموا الحدود الجديدة في مؤتمر القاهرة في 1921 التي شكّلتْ دولة العراق من الأقاليم العثمانية السابقة بغداد والبصرة والموصل.(3)
صحيح بالطبع أنه، مع مرور الأعوام، مالت الحدود التي رسمها الأوروبيون ـ والجميع ـ إلى الاقتراب من حدود العراق الحالي. لكن ليس هناك لحظة أصلية (بدئية) "رُسمت" فيها حدود العراق؛ ولو كانت هناك لحظة كهذه لما احتجنا على الأرجح لهذه السرديات المتنافسة. وكما هو الأمر، نستطيع دوماً أن نتخيل أن هناك خريطة ما، في مكان ما، تقول ما نقول كلنا إنها تقوله.
هناك سبب مرجَّح لكون سرد سايكس ـ بيكو أكثر شهرة على نحو متواصل من تلك السرديات الأخرى، رغم عيوبه الواضحة، وهو أنه يعزو الدور الأكبر في عملية تشكل الدولة العراقية إلى الأوربيين. فقد كان كلٍّ من مؤتمري سان ريمو والقاهرة في الجوهر استجابةً من القوى الاستعمارية لتغيرات حاصلة على الأرض، وخاصة للمطالب السورية والعراقية بالاستقلال، والتي عبّرتْ عنها الانتفاضات الشعبية والتمردات المسلحة في 1919 و 1920 في المناطق الواسعة لكل من الأراضي. وفي الحقيقة، هناك طريقة واحدة مهمة جداً عمل بها سرد سايكس بيكو، ساعدت في محو التدخلات المحلية التي صاغت الخرائط اللاحقة، وهي أن كلّ هذه الخرائط اللاحقة هي شيء ما يُدعى "التعديلات" المُدخلة على سايكس بيكو،(4)، كما لو أن المرء يستطيع فقط أن يواصل تعديل اتفاقية سرية لم تكن أبداً ملزمة قانونياً في المقام الأول، حتى في أوربا، ناهيك عن الشرق الأوسط. وهكذا، بحسب هذه الحجة الدائرية، يُقال إن كل خريطة جديدة للعراق هي تعديل لسايكس ـ بيكو، ثم نواصل القول إن سايكس بيكو شكّلت خريطة العراق.
اعتراض ممكن
إن الاعتراض الذي يمكن توقعه هو أن كثيراً من المعارضين لسرد الدولة المصطنعة يمكن أن يسلّموا فوراً أنه لم تكن هناك لحظة أصلية، وأن سايكس بيكو لا تشبه إلا قليلاً جداً خريطة العراق الحالية. لكن يمكن أن يردوا أن هذا يفتقر للفهم. ويمكن أن يقولوا إن الفكرة هي أن الأوربيين رسموا الحدود، ورسموها بشكل اعتباطي (أي على "خريطة فارغة") دون استشارة السكان المحليين، ودون انتباه إلى أية حقيقة أخرى موجودة في المنطقة (5). وإذا كانت الخريطة فارغة، والحدود اعتباطية، فمن يكترث إذاً أين تنتهي؟
لدي ردان: الأول هو أن الموقع الفعلي لحدود العراق الحالية مهم إلى حد كبير أحياناً لاستمرارية سرد الدولة المصطنعة، ولا يمكن للسرد أن يستفيد من أمرين متعارضين. مثلاً، إن "العراق" يُعرّف غالباً بحدوده الحالية بدقة من أجل محو عراق أي تاريخ سابق، مما يرجع الساعة كي تبدأ مع وصول الإمبراطورية الأوربية. إليكم بمثال عن هذه الحجة المألوفة، من مقرر جامعي واسع الانتشار حول تاريخ الشرق الأوسط الحديث لمؤلفه مالكولم ياب:
إن الكتابة عن تاريخ العراق في القرن التاسع عشر تفتقر للتسلسل الزمني أكثر من الكتابة عن تاريخ سوريا. فرغم أن مصطلح "العراق" قديم فإنه لم يتواشج مع منطقة الدولة الحديثة، ولم يُستخدم لتعيين أي من المقاطعات الإدارية العثمانية للمنطقة. (6)
وهكذا نعرف الآن أمرين لم يعنهما مصطلح "عراق" قبل الحرب العالمية الأولى، لكننا ما نزال نجهل أي شيء عما عناه، ناهيك عن الطرق التي ربما شكّل بها، أو لم يشكّل، التاريخ اللاحق للعراق. يمكن أن نتساءل كيف فُهم مصطلح "عراق"، وكيف تغير هذا الفهم، من ناحية الأرض أو بخلاف ذلك، منذ الفترة العثمانية إلى العصر الذي صار فيه العراق دولة ـ أمة؟ ولماذا سيكون مفتقراً للتسلسل الزمني التحدث عن شيء في القرن التاسع عشر تم التحدث عنه في القرن التاسع عشر كما يقول لنا ياب نفسه؟ وما الذي يعنيه القول إن ذلك الشيء، مهما كان، لم يتواشج مع منطقة الدولة الحديثة؟ في النهاية، ما يهتم به المؤرخون عادة هو كيف تتغير الأمور من زمن ألف إلى زمن باء، وعادة لا نرفض ببساطة التغير التاريخي كنوع من الفشل المعياري لشيء في أن يبقى ثابتاً.
[خريطة العراق العثماني في ١٨٠٣)]
تبيّن الصورة الموجودة أعلاه، وهي خريطة عثمانية تعود إلى عام 1893، الأقاليم الإدارية الثلاثة والتي هي البصرة وبغداد والموصل. يمتد عبر الإقليمين الأولين ما سُمّيَ العراق العربي. وهكذا فإن ياب محق في أن العثمانيين في القرن التاسع عشر لم يستخدموا مصطلح "العراق" للإشارة إلى أي من مقاطعاتهم الإدارية؛ بالأحرى، استخدموه كي يعيّنوا المنطقة الجغرافية الممتدة على الأقل تقريباً عبر اثنتين منهما. هذه هي المنطقة نفسها، كما يمكن أن نتذكر، التي حدّدناها بأنها العراق على خريطة سايكس ـ بيكو. والواقع أن حدود سايكس ـ بيكو السابقة رُسمت على النسخ الإنكليزية للخريطة العثمانية، عارضة كثيراً من التسميات الجغرافية ليس حتى كترجمات إنكليزية بل كنَسْخ مباشر للمصطلحات العثمانية. وتُظهر الصورة التي في الأسفل، مثلاً، تفصيلاً من خريطة سايكس ـ بيكو لعام 1916(عرضنا نسختها الكاملة في بداية المقال)، والتي تنسخ تسمية "العراق العربي". وكان هناك سبب جيد لهذا، وأعني أنه في زمن مراسلات سايكس ـ بيكو في 1916، كانت القوات البريطانية قد احتلت مسبقاً البصرة وتقاتل العثمانيين للسيطرة على بغداد. وبعد فتح جميع المناطق، احتفظت قوات الاحتلال بكثير من البنية البيروقراطية العثمانية (بما فيه كثير من حدودها الإدارية وتسمياتها الجغرافية) من أجل هدف حكم سكان المناطق المحتلة وفرض الضرائب عليهم.
[تفصيل من خريطة اتفاقية سايكس ـ بيكو المعروضة أعلاه]
وفيما يتعلق بالعراق، إذاً، استُمدت خريطة سايكس ـ بيكو مباشرة من الخريطة العثمانية، رغم أن العراق لا يتواشج على أي من الخريطتين مع عراقات مختلفة على الخرائط اللاحقة، وليس العراق محدداً على أية خريطة كدولة مستقلة. ومن العدل أن نسأل: لماذا يكون عدم تواشج للحدود من فترة زمنية إلى التالية سبباً كافياً لفصل العراق العثماني عن التاريخ اللاحق للعراق، بينما ليس اللاتواشج نفسه سبباً كافياً لفصل سايكس بيكو عن ذلك التاريخ؟ (7)
إن ردي الثاني على الاعتراض المتخيل )أنه إذا كان الأوربيون قد رسموا حدوداً اعتباطية على خريطة فارغة، إذاً لا يهم في الحقيقة أين انتهت تلك الحدود على الأرض، وهكذا تعمل سايكس ـ بيكو جيداً مثلما تعمل سان ريمو ومؤتمر القاهرة جيداً لتحديد المسألة) هو أننا نحتاج إلى النظر بعناية أكبر إلى المفهوم الكلي لـ “خريطة فارغة”. فقد قال تيموثي ميتشل إن منطقاً محورياً للحداثة الغربية هو نتاج تمييز مطلق بين الحقيقة والتمثيل، "الشيء وفلسفته"، المكان وخريطته. فالخطة والتصميم والخريطة ينشدون كلهم “جعل كل شيء مجرد تمثيل لشيء أكثر حقيقية وراء نفسه، لشيء ما أصيل في الخارج… ولا يتم التوصل إلى الخارج الحقيقي أبداً. يُمثَّل فقط على نحو متواصل. إن التمييز بين التمثيل والحقيقة هو هكذا "الطريقة التي تُحَقَّق بها نتيجتنا" من حقيقة "أصلية". (8)
يعتمد منطق سرد الدولة المصطنعة، كما أعتقد، على هذا التمييز الراديكالي بين الخرائط والعالم الحقيقي. فالسرد ينتقد الخرائط، لكنه يترك العالم الحقيقي هناك، بالأحرى ضبابياً ربما، لكنه يتركه كاملاً وقائماً بنفسه، يواصل طريقه إلى الأمام في زمن خاص به غير متأثر بالخرائط. فمن ناحية، يعزو السرد دوراً تاريخياً حقيقياً للفعل الأوربي في رسم الحدود، الذي هو متضمن بالتأكيد، وحوّل المنطقة في الحقيقة من خلال “اختراع” دولها الحديثة. أما من ناحية أخرى، فإن مشكلة هذه العملية، كما يتضمن السرد أيضاً، هي أن الخرائط كانت “فارغة”، أي، لم تكن لها علاقة بالحقيقة المتضمنة للمنطقة المعنية. وبما أن هذه كانت الحالة، يتبع من هذا أنه كان من الممكن وجود خطوط أفضل وحقيقية أكثر، في مكان ما في تلك الحقيقة غير الفارغة والمعلّمة، التي لم تكتشف بعد لكنها بأية حال حقيقية أكثر من الخطوط التي على الخرائط التي نملكها.
رؤى إثنية وطائفية
إن هذا الإيمان بالوجود غير المتبدل لخطوط أفضل وأكثر حقيقية يمكن أن يساعد في شرح الإثارة حيال اكتشاف خريطة في 2005 كانت "ضائعة لوقت طويل"، معروضة في الأسفل، رسمها تي. إي لورنس (لورنس العرب) في 1918. أعلن كاتب لسيرة لورنس الذاتية استُشهد به على نطاق واسع أن الخريطة "كان يمكن أن توفر الكثير من الوقت والمشكلات والنفقات للعالم"، وتقدم للمنطقة "نقطة انطلاق أفضل من التقسيم الإمبراطوري الفظ" لاتفاقية سايكس ـ بيكو. أضافت شبكة الإذاعة العامة للولايات المتحدة الأميركية (إن بي آر):"بالنسبة للمؤرخين، إن خريطة لورنس هي ممارسةٌ في "ماذا لو": قام بتضمين دولة منفصلة للأكراد، مشابهة للتي يطالب بها أكراد العراق اليوم. ويجمع لورنس الناس معاً في سوريا الحالية والأردن وأجزاء من المملكة العربية السعودية في دولة أخرى مستندة إلى نماذج قبلية وطرق تجارية". وافقت هيئة الإذاعة البريطانية (البي بي سي) أن خريطة لورنس أشارت إلى "حكومات منفصلة" لـ "المناطق ذات الأغلبية الكردية والعربية في العراق الحالي… لكن اقتراحات لورنس لاقت رفضاً من الإدارة البريطانية في بلاد ما بين النهرين.
[خريطة لورنس، ١٩١٨)]
إن المأخذ الأول على ردود الفعل هذه على خريطة لورنس هو الافتقار الملحوظ للتواشج بين الصور المقدمة والمزاعم المطروحة حيالها. لم يُشْرح لماذا يجب أن نقرأ علامتي الاستفهام المتجاورتين عمودياً في شمال العراق بأنهما تقولان "دولة كردية". إن الزعم محيّر ليس فقط لأن لورنس كان من المفترض أن يعرف كيف يهجي، لكن أيضاً لأن الحدود الشمالية للعراق على خريطته (والتي هي حدود سايكس ـ بيكو بين أراضي ألف وباء) تقطع يميناً عبر منتصف كردستان العراق، دامجة السليمانية داخل الدولة العراقية. إن المنطقة الفارغة التي عليها علامتا استفهام على خريطة لورنس ليست كردستان بل المنطقة التي حولها والتي تتضمن مدينة الموصل.
من الواضح أن السبب في شهرة خريطة لورنس اليوم هي أنها ليست إلا إيماءة إلى محاولة لمحاذاة حدود الدولة مع حدود إثنية، من خلال الدولتين، إذا كانتا ما هما عليه، واللتين سماهما "عرباً". وإذا كان هذا هو المنطق، إذاً ماذا كان بوسع لورنس أن يستخدم لتسمية الموصل بدلاً من علامة استفهام؟ كان لورنس يعرف جيداً جداً أن هذا الجزء من الموصل لم يكن منطقة متجانسة أو فيها أغلبية كردية بل كان متنوعاً بشكل يفوق الوصف، إذ كان موطناً لأعداد كبيرة من العرب (معظمهم سنة، وبعضهم شيعة)، وأكراد (سنة، يزيديون وشيعة)، تركمان (سنة وشيعة)، آشوريون وكلدان وأرمن ويهود بين آخرين. بالطبع، إن أي شخص ينتبه إلى الأحداث الحالية ولو بشكل عابر يجب أن يمتلك إحساساً بهذا الآن، أيضاً.
ما يجب أن تعلمنا إياه هذه الأحداث الأخيرة هو أن اتّباع سرد الدولة المصطنعة إلى خاتمته المنطقية يقودنا إلى مكان واحد، وهذا المكان ليس السلام في الشرق الأوسط بل عنف التطهير الإثني والطائفي. وهذا جزء مما يفعله تنظيم الدولة، في محاولته لتفكيك الحدود "المصطنعة". مع ذلك، بدلاً من إغراء بقية العالم كي يعاودوا التفكير بمنطق سرد الدولة المصطنعة (الذي أكرر أنه منطق التطهير العرقي الطائفي) فقد جمع عنف تنظيم الدولة المزيد من الأدلة على حقيقة السرد المزعومة.
حين تم إنشاء العراق بعد الحرب العالمية الأولى، كانت فكرة أن الدول يجب أن تسعى إلى التجانس العرقي جديدة وبعيدة عن كونها مقبولة كونياً.(9) لقد شُكلت بالفعل بعض الدول - الأمم على تنويعات لهذا المبدأ أثناء القرن العشرين، وغالباً من خلال عمليات ترحيل قسرية للسكان، وأحياناً من خلال طرق أكثر إهلاكاً. ولم تكن النتائج دولاً متجانسة (والتي تبدو مستحيلة في كل مكان) بل كانت دولاً بأغلبيات عرقية طائفية مهيمنة بوضوح. وغني عن القول إن هذه النتية (مهما يمكن أن يقال عنها) لم تمل إلى تحسين موقف الأقليات المتبقية. بأي حال، خرجت هذه الأنواع من المشاريع من الموضة، على الأقل في خطاب وقانون حقوق الإنسان العالميين، إن مصطلح الأمم المتحدة الرسمي للنسخ الخفيفة (بما فيه ترحيل السكان) هو "تطهير عرقي" وبالنسبة للنسخ الأكثر تطرفاً "الإبادة الجماعية".
يستند سرد العراق كدولة مصطنعة، في تجليه المهيمن اليوم، إلى فنتازيا التجانس العرقي والطائفي كأساس للدولة المستقرة بينما يرفض الإقرار بالمعاني الضمنية الحتمية لتلك الفنتازيا، خاصة في منطقة متنافرة الأجناس كالعراق.
تشكل الحدود العراقية
تقول لنا خريطة لورنس شيئاً واحداً هو أن البريطانيين كانوا واعين بشكل كامل في 1918 (بعد عامين من اتفاقية سايكس ـ بيكو) أنه لم تُشكل حدود جديدة في هذه المنطقة، ولو أنه رُسمَ آنذاك الكثير من الخطوط على كثير من الخرائط. وقد كان الفاعلون السياسيون البريطانيون المنخرطون في مسائل الشرق الأوسط يحبون بالفعل رسم الخطوط على الخرائط، وكان رسم خطوط كهذه بالنسبة لبعضهم تسلية حقيقية، هذا إذا لم يكن هوساً. لكن الخرائط التي استخدموها لم تكن فارغة أبداً، الأمر الذي جعلها في النهاية ممارسة مضجرة. وقد وضعوا أشياء كثيرة في الحسبان: الجبال والصحارى والأنهار والمرافئ، وحقول النفط المعروفة أو المتوقعة، والكثافات السكانية والحدود العثمانية الموجودة، الدولية والمحلية، والاتفاقيات السابقة والعلاقات الدبلوماسية الحالية وتوازن القوى والاستراتيجيات العسكرية والمكاسب والخسائر، خاصة إذا افترضنا الحروب الناشبة عبر عدة حدود في أواخر العشرينيات، والرغبات المحلية المدركة والمطالب والصراعات، وكذلك الإثنيات المدركة واللغات والطوائف الدينية. وهكذا، من 1914 إلى 1932 كان هناك كثير من الخرائط المختلفة والمتنافسة للعراق مرسومة في أوربا، هذا إذا لم نقل أي شيء عن تلك المرسومة في العراق وتركيا وسوريا والأردن والحجاز ونجد والكويت وإيران. وفي ذلك الوقت، فهم جميع المعنيين أن هذه الخرائط مجرد مقترحات ومقترحات مضادة. لكن في كانون الأول 1922 فحسب، وبعد أن وُقِّعتْ اتفاقية الحدود الأخيرة بين العراق ونجد، بدأت الخطوط التي رُسمت في معظم تلك الأمكنة (باستثناء تركيا، وهذا بالغ الدلالة) تبدو شيئاً كمثل المخطط الحالي للعراق. ولم تكن هذه نتيجة نزوات موظف مدني في لندن بل بالأحرى نتيجة عملية بطيئة ومتعبة لحل المطالب المتنافسة حول الأرض، وغالباً بواسطة الحرب ودوماً باستخدام القوة. إن إقحام إقليم الموصل العثماني في العراق، وبالتالي تثبيت الحدود العراقية التركية، لم يُقرر حتى 1926. واستغرق العراق وسوريا ست سنوات أخرى كي يتم التوصل إلى اتفاق على حدودهما الشمالية. وسمّمتْ الصراعات الحدودية علاقات العراق مع إيران في الثلاثينيات وبعدها. ولم تعترف أية حكومة عراقية بأية حدود مع الكويت حتى 1991، حين أُجبرت على فعل ذلك بالقصف الأميركي. باختصار، شُكلت حدود العراق كثيراً بالطريقة نفسها التي شُكلت بها حدود الدولة ـ الأمة في أي مكان. وقد كلف بناؤها الكثير من العمل والكثير من العنف، وسيكلف إعادة بناء هذه الحدود الكثير من العمل والكثير من العنف أيضاً.
[أشكر كلاً من بيث بارون وسميرة حاج ودينا رزق خوري وأمنية الشاكري على تعليقاتهم المفيدة جداً على النسخ الأولى من هذا المقال]
[اضغط/ي هنا للإطلاع على النسخة الإنجليزية. ترجمه إلى العربية أسامة اسبر]
-----------------------------------------
[1] David Fromkin, A Peace to End All Peace: The Fall of the Ottoman Empire and the Creation of the Modern Middle East, rev. ed. (New York: Henry Holt and Company, 2009), 9.
[2] See also James Gelvin, “Don’t Blame Sykes-Picot,” OUPBlog, February 7, 2015, http://blog.oup.com/2015/02/dont-blame-sykes-picot/.
[3] Reeva S. Simon, “The Imposition of Nationalism on a Non-Nation State: The Case of Iraq During the Interwar Period, 1921-1941,” in Rethinking Nationalism in the Arab Middle East, ed. James Jankowski and Israel Gershoni (New York: Columbia University Press, 1997), 87.
[4] For example, see Michael Williams, “Sykes-Picot Drew Lines in the Middle East’s Sand that Blood is Washing Away,” Reuters, October 24, 2014, http://blogs.reuters.com/great-debate/2014/10/24/sykes-picot-drew-lines-in-the-middle-easts-sand-that-blood-is-washing-away/.
[5] Indeed, the artificial state narrative does not necessarily rely on an originary moment; for a recent example, see Guiditta Fontana, “Ethno-Religious Heterogeneity and the British Creation of Iraq in 1919-23,” Middle Eastern Studies 46, no. 1 (2010), http://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/00263200902760535.
[6] M.E. Yapp, The Making of the Modern Middle East 1792-1923 (New York: Longmann Group, 1987), 137-38.
[7] أنا كريمة في الواقع ها. ففي الحقيقة، إن العراق العثماني (العربي) يبدو كأنه يشبه العراق الحديث أكثر مما يشبهه عراق سايكس ـ بيكو، ربما بسبب الامتداد الطويل لساحل جزيرة العرب المتضمن في الثاني، والذي ليس معروضاً بشكل كامل في خريطة 1916(. هناك عراق آخر على كثير من الخرائط العثمانية التي تعود إلى القرن التاسع عشر، باسم “العراق العجمي؛ ويظهر هذا العراق بشكل مشابه على بعض خرائط سايكس ـ بيكو الأولى باسم العراق العجمي”)
[8] Timothy Mitchell, Colonising Egypt (Berkeley: University of California Press, 1991), 172-73.
[9] For two somewhat different accounts of the history of this concept, see Mark Mazower, No Enchanted Palace: The End of Empire and the Ideological Origins of the United Nations (Princeton: Princeton University Press, 2009); Sarah Shields, Fezzes in the River: Identity Politics and European Diplomacy in the Middle East on the Eve of World War II (Oxford: Oxford University Press, 2011)